الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

اخبار النجوم والفناخبار الفن و الفنانين › «يا خيل الله»الكشف عن العالم الحقيقى لصناعة الإرهاب

صورة الخبر: «يا خيل الله»الكشف عن العالم الحقيقى لصناعة الإرهاب
«يا خيل الله»الكشف عن العالم الحقيقى لصناعة الإرهاب

بدون شك يأتى الفيلم المغربى الفرنسى البلجيكى «ياخيل الله» الذى جاب العديد من المهرجانات احد أهم الاعمال التى جسدت بصورة سينمائية شديدة الواقعية والحرفية الفنية العمليات الاستشهادية الارهابية من ميلادها كفكرة وحتى خروجها لحيز التنفيذ كأحد الملامح المؤرقة لمجتمعاتنا، فمخرجه نبيل عيوش بنى عمله على قاعدة نبعت من نمط حياة مفادها أن الإنسان لا يمكن أن يولد إرهابيا، باعتبار أن الظروف الاجتماعية من فقر وتهميش وأمية هى التى تدفع إلى ارتكاب أحداث دموية وإرهابية، مثلما شهدت مدينة الدار البيضاء فى 16 مايو 2003، فى حادث راح ضحيته اكثر من اربعين واصابة المئات من المسلمين والمسيحيين واليهود فيما أصبح يعرف بـ«11 سبتمبر المغرب».
فالفيلم الذى استمد العنوان من مقولة مشهورة فى الدعوة إلى «الجهاد» تحث المجاهدين على القتال، وبأنهم يمتطون خيول الله التى تذهب بهم إلى الجنة إذا استشهدوا يتناول قضية تحول شباب سذج وفقراء إلى مشاريع «قنابل موقوتة» تكاد تنفجر فى وجه المجتمع فى أى لحظة، وهو يتطرق إلى قصة أخوين، ياشين 10 سنوات وحميد، 13 يعيشان فى حى سيدى مومن الشهير بالدار البيضاء، وصديقاهما نبيل وفؤاد المماثلان فى العمر حيث يستفحل الفقر وتنتشر الأمية، فتقع بعض الأحداث لينتهى المطاف بحميد إلى دخول السجن، بينما يحاول ياشين التخلص بأى وسيلة من فخ الحياة البائسة.
فى السجن تتغير أحوال حميد ليصبح ذا أفكار متطرفة، حيث حاول بعد خروجه من المعتقل عام 2001 وقد أصبح شابا «عبدالإله رشيد»، أن يقنع بها أخاه ياشين وأصدقاءه، ليساهم فى اختيار مجموعة من الشباب من أجل التحضير البدنى والعقائدى ليصبحوا من «خيل الله» من خلال القيام بعمل يجعلهم شهداء عند الله.
واستوحى مخرج الفيلم نبيل عيوش أحداث فيلمه من رواية «نجوم سيدى مومن» للفنان التشكيلى ماحى بين بين، التى صورت الحياة الفقيرة التى كان يعيشها الشباب فى بيوت صفيح، فكانت بمثابة أرض خصبة لتفشى وانتشار الفكر الانتحارى والمتطرف وسط عدد من شباب المنطقة.
الجمعة 16 مايو 2003 يوم لن ينساه المغاربة عندما أقدم حوالى 14 شابا من حى سيدى مومن إلى بعض المواقع بالدار البيضاء لتفجيرها، ومنها مطاعم وفنادق، وهى الصورة التى جسدها نبيل عيوش التى اظهرت معايشة حقيقية مع السكان والشباب فى حى سيدى مومن، وكشف بوعى طريقة التعامل لدى بعض الإسلاميين المتشددين مع الآخرين، وطرق استمالتهم واستقطابهم لهم فى سياق أكسبت الفيلم كثيرا من الواقعية البعيدة عن فخ التوثيق والسرد المألوف، بل تجاوزته ليكشف بطريقة فنية تحترم ذكاء الجمهور عن دواعى ظاهرة التطرف الدينى الذى يعد نتيجة لظروف اجتماعية واقتصادية.
بين البداية والنهاية تابع الفيلم سير منفذى تفجيرات الدار البيضاء وكيف تم استقطابهم من جهاديين متطرفين عبر سيناريو ذكى وصورة شفافة وديكور حى حاز اعجاب مشاهديه من مهرجان كان إلى الاسكندرية.
وبدا الدرس الكبير ان واقع الفقر والتهميش والجهل وغياب التعليم وقد اوحى بميلاد التعصب والتطرف بشتى اشكاله، وفى هذا المناخ تجد الحركات الدينية المتطرفة البيئة الخصبة وتستثمر طاقة الغضب واليأس لتغذية مشروعها.
ويصر المخرج على انه لا ينشغل بالتفجيرات ذاتها قدر انشغاله بمحاولة فهم سيرة هؤلاء ودوافعهم وتقديمها دون أحكام مسبقة عليها وقد عمل مع ممثلين غير محترفين وهم اناس عاديون من الحى الذى خرج منه منفذو العملية الارهابية ذاتها اختارهم ليمثلوا أدوارا قريبة من حياتهم.
ونراه يعود بالمشاهد إلى عام 1994 ليبدأ بمتابعة حياة صبيين ونشأتهما فى أزقة الفقر فى حى سيدى مؤمن القريب من الدار البيضاء، فياشين الاخ الأصغر «عبدالحكيم رشيد»، يحلم ان يكون لاعبا، ومعه اخوه حميد «عبدالله رشيد» الذى يكبره قليل، والذى يتم اعتقاله بعد انخراطه فى توزيع المخدرات.
ويخرج حميد من السجن ملتحيا وقد تغيرت شخصيته كليا بعد وقوعه تحت تأثير احدى الجماعات السلفية، ونرى أن هذا الخروج يتزامن مع احداث 11سبتمبر وتدمير برجى مركز التجارة العالمى بنيويورك، اذ يظهر فى احد مشاهد الفيلم مناد فى الحى يدعو إلى نصرة بن لادن والقاعدة. ويستخدم عيوش الوثائق التسجيلية للتعبير عن أحداث 11 سبتمبر 2001 عبر إذاعتها فى التليفزيون، ونرى رد الفعل عن الإسلاميين الذين يوزعون منشورات بأن «القاعدة» قامت بـ«الواجب الشرعى» ومناد يدعو لنصرة بن لادن.
ويركز المخرج على كيفية قيام الجماعة الدينية بملء الفراغ فى الحى وكيف تسيطر على شبابه عبر مد يد العون لهم، فتتسلل عبر حميد إلى اعضاء فريق كرة القدم فى الحى، وتوفر الحماية لياشين وزميله نبيل بعد قتلهما ميكانيكى حاول استغلالهما جنسيا وتساعدهما فى إخفاء ملامح الجريمة.
ليبدأ عملهم مع هذه الجماعة المتطرفة التى تختارهم لتنفيذ تفجيرات الدار البيضاء. وينجح عيوش فى مشهد الذروة فى استثمار السرد الذى قدمه للحظات الفاصلة فى تطور شخصياته، فنرى حميد الذى كان جريئا فى صباه يتردد ويتراجع عن التنفيذ بينما يصبح ياشين الذى كان ضعيفا وتعرض للاضهاد قائدا للمجموعة ومتحمسا لتنفيذ أوامر الجماعة بشكل أعمى حالما بعالم اخر يتمتع فيه بالحور العين وبكل ما حرم منه فى حياته، حسبما اقنعه القادة الملتحون.
وفنيا نحن نرى حركة كاميرا ذات ايقاع سريع لاهث ولقطات فى اضاءة طبيعية للشوارع حيث يلعب الصبيان الكرة أو يتشاجرون. بينما نجد بظهور الجماعة المتطرفة ان الحركة باتت ابطأ للتركيز فى عالمها المغلق الذى صاحبته إنارة شبه معتمة حتى فى معسكرات التدريب النهارية وهو ما يظهر هذا التناقض بين العالمين فى الشكل والفكر بين مجتمع طبيعى حتى لو كان يعانى اهله وآخر غير طبيعى داخل وكر الجماعة على الارض وفى المخيلة، حيث نرى بالتفصيل عملية حشو عقول الشباب وإعدادهم للقتل والموت وصولا بالسرد الرائع لذروة الحدث وهو العمليات التفجيرية الاستشهادية فى النهاية دون ظهور دماء او اشلاء ومن قبلها صورة بانوراما للمدينة وهى فى ابهى صورها عبر مونتاج ناجح وصورة متجددة لفريق اخر من الصبية يلعبون بالكرة فى الحى الفقير فى اشارة إلى استمرار النهج والقضية حيث يتحرك الفيلم بين تواريخ تكتب على الشاشة من أول مشهد بعد العناوين، وهو مشهد مباراة الكرة، حيث يكتب تاريخ يوليو 1994 ثم فى النهاية يوليو 2003.
يبقى نبيل عيوش (44 عاما)، أحد المخرجين المثيرين للجدل، من خلال عمل يحترم عقلية ومشاعر المشاهد من قلب واقعه.

المصدر: الشروق

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على «يا خيل الله»الكشف عن العالم الحقيقى لصناعة الإرهاب

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
90321

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة